أعياد الميلاد في فلسطين .. آمال ببزوغ فجر الحرية ونور السلام وخلاص من "كورونا" والاحتلال

أعياد الميلاد في فلسطين .. آمال ببزوغ فجر الحرية ونور السلام وخلاص من "كورونا" والاحتلال

رام الله- تقرير حياة حمدان- خبر24- تتجلى صور التآخي الإسلامي المسيحي في فلسطين عادةً  في فترة الأعياد الدينية، التي تعتبر مناسبات وطنية اجتماعية دينية، تلامس فيها احترام أصحاب الديانات لبعضهم ومشاركة الفرح وتبادل التهاني والتبريكات بين أبناء الشعب الواحد. أعياد الميلاد المجيدة تشكل واحدة من أبرز هذه الصور التي تبدأ فعالياتها غالباً بداية كانون الأول في المدن الفلسطينية ذات الوجود المسيحي. 

هذا التقرير يركز على التحضيرات لاستقبال أعياد الميلاد المجيدة تحديدا في مدن وبلدات تقع شمال الضفة الغربية ووسطها وجنوبها. ويعرض أيضا أثر فيروس كورونا على الحركة الاقتصادية في هذه المناطق من وجهة نظر التجار فيها. 

"أكثر من ١٣ ألف زائر محلي شارك في حفل إضاءة شجرة الميلاد"

عند الحديث عن أعياد الميلاد المجيدة في فلسطين، فإن العيون تتجه صوب مدينة بيت لحم  وكنيسة المهد، التي ولد فيها السيد المسيح عيسى عليه السلام، وعلى بلاط كنيستها يُستقبل رجال الدين من كل الطوائف المسيحية سنويا احتفالا بميلاد المسيح، بإقامة القداديس  والصلوات الدينية والترانيم الميلادية التي يرافقها استعراضات كشفية وفعاليات للأطفال وعائلاتهم. 

سوق الميلاد

بلدية بيت لحم بالتعاون مع المؤسسات الشريكة ما زالت تواصل تحضيراتها لعيد الميلاد المجيد حسب التقويم الغربي ثم الشرقي والأرمني، بعد أن كانت أولى فعاليات الأعياد لهذا العام بافتتاح سوق الميلاد السنوي والذي أقيم لأول مرة في شارع النجمة التاريخي الذي يعتبر طريق الحجاج إلى كنيسة المهد منذ آلاف السنين وهو مدرج أيضا على قائمة التراث العالمي اليونسكو.

عمل السوق على إعادة إحياء شارع النجمة، وأفاد قاطنيه اقتصاديا وشجعهم على إعادة فتح محالهم التجارية بعد سنين طويلة من الإغلاق. وقد شارك ١٤١ من أصحاب المشاريع الصغيرة بفعاليات السوق بعرض منتجاتهم وتسويقها للزوار. إضافة لمشاركة الفرق المحلية الفنية الموسيقية والمسرحية والترفيهية بعروضها الفنية في أيام السوق الذي امتد لـ١٠ أيام. 

حفل إضاءة شجرة الميلاد في ساحة المهد كان ثاني فعاليات الأعياد، باعتباره احتفالا دينيا وطنيا رسميا حضره رئيس الوزراء الدكتور محمد اشتية وعدد من الوزراء وقناصل وسفراء دول مقيمين في فلسطين، والعديد من الزوار المحليين من الضفة الغربية ونسبة عالية من الأراضي المحتلة عام ٤٨ ومدينة القدس، وتقدر بلدية بيت لحم أعداد الحضور بأكثر من ١٣ ألف زائر. 

وبسبب القيود التي فرضها فيروس كورونا المتحور الجديد "أوميكرون" مؤخرا على حركة التنقل والسفر في العالم، فقد أعلنت جمعية الفنادق الفلسطينية أن جميع الحجوزات في فنادق فلسطين وبيت لحم خصوصا قد ألغيت بالكامل من قبل السواح الأجانب، بعد أن كانت الحجوزات تشكل ٣٠٪ من عددها في عام ٢٠١٩ ما قبل كورونا في فترة الأعياد.  مما شكل ضربة قاسية على موسم الأعياد المجيدة في المدينة التي تعتبر سياحية بالدرجة الأولى. 

الجدير ذكره أن بيت لحم كانت من أولى محافظات الوطن بظهور أول إصابات بفيروس كورونا بين مواطنيها في الخامس من آذار لعام ٢٠٢٠ ما ترتب عليها حالة من الإغلاق الشامل وإعلان لحالة الطوارئ التي أثرت بشكل كبير على الحركة الاقتصادية والسياحية فيها. ولقياس مدى تأثر الحركة التجارية بانقطاع السياحة الخارجية في المدينة قابلنا بعض التجار في محيط كنيسة المهد.

"اوميكرون" بدد الآمال بانتعاش السياحة

خليل علي صاحب محل سياحي تجاري علق على الموضوع قائلا: "المتحور من كورونا الجديد أثر على السياحة جدا، كان لدى أصحاب المحال التجارية أمل في أن يعود الوضع كما كان قبل كورونا وأن يعيدوا فتح محالهم، لكن حاليا عدنا للمرحلة الأولى ذاتها من انتشار الفيروس، مرحلة الصفر، لقد توقفت كل المطارات ولا يوجد حاليا سياحة في بيت لحم التي تعتمد بشكل أساسي على قطاع السياحة في مصدر رزق أصحاب المحال التجارية السياحية". 

وشارك المواطن نبيل جقمان رأيه بهذا الخصوص وهو صاحب محلات سياحية ومصنع خشب زيتون: "طبعا للأسف الكورونا كانت شبه كارثة بالنسبة للشعب الفلسطيني وبالأخص مدينة بيت لحم التي تعتمد ما نسبته ٩٠٪ من دخلها الاقتصادي على السياحة، خاصة أننا نتعامل مع عدو خفي ولم نعتمد على مثل هذه الظروف رغم مرورنا بحروب كثيرة. أما بالنسبة للسياحة الداخلية المحلية فهي لا تؤثر علينا ولا تغطي السياحة التي كانت بالسابق وأغلب توجه الزوار المحليين في هذا النوع من السياحة هو استفادة للفنادق والمطاعم أما نحن كأصحاب مشاغل خشب زيتون فلا نستفيد منها".

عامان بلا سياحة في بيت لحم

صاحب محل فلافل فضّل عدم ذكر اسمه قال: "نحن هنا كمحال تجارية ومطاعم تحديدا في ساحة المهد، فمنذ عامين نحن من دون سياحة خارجية، نعم يوجد سياحة داخلية خفيفة لكن لا تعوض خسارتنا خلال فترة انتشار الفيروس، مصاريفنا لم تتغير فواتير الكهرباء والماء والضريبة تصلنا كما هي دون مراعاة بأن دخلنا انخفض جدا في هذه الفترة، والمستلزمات لم تتغير وأسعار الوجبات التي أقدمها للزبائن كما هي منذ عشرة سنوات ولم أغيرها رغم ارتفاع أسعار مكوناتها، ورغم ذلك لا يوجد أي دعم او مراعاة لظروفنا" .

 تنشيط السياحة الداخلية بعد انعقاد مؤتمر (بيت لحم هالمرة غير)

نشطت السياحة الداخلية مؤخرا وشهدنا كثيرا من الزوار في بيت لحم من مناطق شمال الضفة والأراضي المحتلة عام ٤٨، وفي ليلة ونهار حفل إضاءة شجرة الميلاد وصلت نسبة إشغال الفنادق في بيت لحم نحو ٧٠ ٪ من السياحة الداخلية. وقال الناطق الرسمي باسم وزارة السياحة والآثار حريس قمصية: "إن مجموعة من البرامج السياحية والترويجية نفذتها الوزارة في بيت لحم والتي بدأت بمؤتمر "بيت لحم هالمرة غير" الذي شارك فيه ٦٠ صحفيا ومؤثرا اجتماعيا ودليلا سياحيا من الأراضي المحتلة عام ٤٨ ومن شمال الضفة، والذي كان هدفه الترويج لبيت لحم؛ تشجيعا لزيارتها من قبل المحليين، كلها ساهمت في إعادة تنشيط السياحة الداخلية وهذا ما لاحظناه في حفل إضاءة شجرة الميلاد الذي حضره ما يزيد على ١٣ ألف زائر محلي".  

فعاليات الميلاد في عابود

وإلى وسط الضفة الغربية في بلدة عابود شمال غرب رام الله، التي يشكل المسيحيون فيها نسبة ٥٠% من عدد السكان، وفيها آثار لتسع كنائس قديمة من بينها كنيسة الروم الأرثوذكس العابودية التي بنيت في القرن الرابع للميلاد على يد القديسة هيلانة وهي الكنيسة الثالثة الأقدم في فلسطين بعد كنيسة القيامة والمهد.

  وقد بدأت فعاليات عيد الميلاد في البلدة بافتتاح بازار الميلاد ومباركة شجرة الميلاد وإضاءتها لأول مرة داخل كنيسة اللاتين، الأب ريمون حداد راعي رعية اللاتين في عابود قال: "في هذا الشهر يكون لدينا فعاليات شبه يومية، في محاولة لنشر أجواء الفرح والسلام في قلوب أبناء بلدتنا، مثلا نظمنا وننظم على مدار هذه الأيام أمسيات ميلادية بمشاركة فرق موسيقية لتراتيل الميلاد وعروض مسرحية للأطفال عن قصة الميلاد".

وفي السابع عشر من كانون الأول يحتفل أهالي البلدة بعيد البربارة حسب التقويم الشرقي وتكون مظاهر الاحتفال قبلها بيوم من خلال العروض الكشفية لفرقة كشافة دير اللاتين وحفل إضاءة شجرة الميلاد الرئيسة للبلدة، وفي يوم العيد يتم طبخ الأكلة التقليدية المعروفة "البربارة" والتي يكون القمح مكونا رئيسا فيها. 

الأب ريمون حداد تابع:" أخذ المواطنين للتطعيم ضد كورونا شجع على مشاركتهم في  فعاليات الأعياد، بعد نحو عامين من الاشتياق لمظاهر الفرح، بلدة عابود كانت مقصدا سياحيا قبل انتشار فيروس كورونا خاصة أن بيننا وبين إيطاليا وأمريكا صداقة توأمة مع مدن وكنائس فيهما، فكنا نستقبل العديد من الوفود الأجنبية من هاتين الجنسيتين وغيرها من الجنسيات الأجنبية ويشاركون في صلاة الأحد ويدعمون الحركة التجارية بالبلدة". 

وستشارك كشافة دير اللاتين عابود في احتفالات بيت لحم بعيد الميلاد المجيد حسب التقويم الغربي في الرابع والعشرين من كانون الأول، لتنضم للفرق الكشفية لاستقبال بطريارك اللاتين صباحا ثم تعود لبلدتها لتنفيذ استعراضات كشفية احتفالية، والمشاركة في قداس المساء.  

تلقي مطاعيم كورونا شجع على تنظيم فعاليات الأعياد في الزبابدة

إلى شمال الضفة الغربية في بلدة الزبابدة جنوب شرق مدينة جنين، والتي أغلبية سكانها من المسحيين إذ يشكلون نحو 65% من السكان الأصليين، يستعد أبناؤها لاستقبال أعياد الميلاد المجيدة وتكون أولى فعالياتهم بحفل إضاءة شجرة الميلاد في الثالث عشر من كانون الأول، وأشار مدير العلاقات العامة والإعلام في بلدية الزبابدة رامي دعيبس إلى أن: "في العام الماضي وبسبب ذروة انتشار فيروس كورونا في البلاد لم نتمكن من الاحتفال بعيد الميلاد كالمعتاد وكان حفل إضاءة الشجرة عن بعد وبوجود عدد قليل جدا من رجال الدين وذلك لمنع التجمعات، لكن هذا العام نحن ننظم مهرجانا مركزيا لحفل إضاءة شجرة الميلاد في البلدة من منطلق أن نسبة التطعيم بين أبناء البلدة عالية جدا وهو ما شجعنا على تنظيم حفل وجاهي سيكون برعاية وحضور وزيرة السياحة والآثار ومحافظ جنين واللجنة الرئاسية العليا لمتابعة شؤون الكنائس".

وفي البلدة 4 كنائس وهي الإنجيلية واللاتين والروم الأرثوذكس والروم الملكيين، وتفتتح البازارات الميلادية في ساحة هذه الكنائس في هذا الوقت من كل عام احتفاءً بأعياد الميلاد واستقبالا للزوار للتسوق من منتجات البازار التي تخص زينة وحلويات واكسسوارات العيد، كما وينظمون أمسيات ميلادية داخل الكنائس بترانيم دينية من فرق محلية من فلسطين.

 كشافة الزبابدة تشارك في احتفالات بيت لحم

وستشارك فرقتان كشفيتان من بلدة الزبابدة في احتفالات بيت لحم في عيد الميلاد المجيد حسب التقويم الغربي في الرابع والعشرين من الشهر الجاري وحسب التقويم الشرقي في السادس من كانون الثاني. 

 وفي الحديث عن أثر فيروس كورونا على الحركة التجارية في البلدة قابلنا المواطن فادي أبو سحلية صاحب مشغل خشب زيتون حيث قال: "قبل انتشار فيروس كورونا كانت الحركة التجارية ممتازة بالبلدة وكنت شخصيا أصدر من منتوجات مشغلي إلى إيطاليا، إضافة لاستقبال السواح في معرضي التجاري، خاصة أن بلدة الزبابدة هي جزء من مسار السيد المسيح الذي يبدأ من الناصرة ثم برقين فالزبابدة والقدس، وكانت فترة إقامة السائح في البلدة مفيدة اقتصاديا لأهل البلدة وينتفع من وجودهم كثيرون. ولكن مع بداية أزمة كورونا في العالم اضطررت لإغلاق محلي منذ كانون ثاني/ يناير من عام ٢٠٢٠ حتى هذه اللحظة، وتقدر خسائري بنحو ٩٠ ألف دولار على الأقل، ولا يوجد تصدير للخارج في الفترة الحالية، وفترة عيد الميلاد غير مشجعة لإعادة افتتاح المشغل". 

وتعتبر رسالة الميلاد بشرى للخير والمحبة والسلام، وفرصة لرفع أمنيات وآمال أبناء الشعب الفلسطيني بأن تضاء حياتهم بشمس الحرية ونور السلام والخلاص من فيروس كورونا والاحتلال.

WhatsApp Image 2021-12-12 at 6.21.11 PM-1
WhatsApp Image 2021-12-12 at 6.21.10 PM-1
WhatsApp Image 2021-12-12 at 6.21.10 PM (2)-1
WhatsApp Image 2021-12-12 at 6.21.10 PM
WhatsApp Image 2021-12-12 at 6.21.10 PM (2)
WhatsApp Image 2021-12-12 at 6.21.09 PM-1
WhatsApp Image 2021-12-12 at 6.21.09 PM (2)-1
WhatsApp Image 2021-12-12 at 6.21.09 PM (1)-1
WhatsApp Image 2021-12-12 at 6.21.09 PM (2)
WhatsApp Image 2021-12-12 at 6.21.08 PM-1
WhatsApp Image 2021-12-12 at 6.21.08 PM (1)-1
WhatsApp Image 2021-12-12 at 6.21.07 PM-1
WhatsApp Image 2021-12-12 at 6.21.08 PM
WhatsApp Image 2021-12-12 at 6.21.07 PM