ما مصير ملف إدارة قطاع غزة بعد فشل لقاءات المصالحة بالقاهرة؟

ما مصير ملف إدارة قطاع غزة بعد فشل لقاءات المصالحة بالقاهرة؟

بعد فشل جولة المفاوضات التي عقدت أمس في القاهرة، بين حركتي فتح وحماس في الاتفاق حول مصير قطاع غزة بعد انتهاء الحرب، يتساءل البعض عن كيفية تنسيق إدارة القطاع في المرحلة المقبلة.

وفي وقت يستبعد فيه المراقبون إمكانية الاتفاق بين الفصائل الفلسطينية حول موقف موحد، يبقى مصير قطاع غزة مجهولا فيما يتعلق بالإدارة ومتابعة شؤون المواطنين، ما ينذر بمواجهات جديدة بين الفصائل.

واستضافت القاهرة على مدار يومين محادثات مكثفة بين حركتي "فتح" و"حماس"، ضمن مساعي الوصول إلى مصالحة شاملة، وتوحيد الصف الفلسطيني، والتوافق المشترك حول عدد من القضايا، أبرزها قطاع غزة.

موافقة إسرائيلية

قال الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية الفلسطيني، إن التقديرات تشير إلى أن حركة فتح كانت لديها عرض واحد بشأن تشكيل لجنة مهنية تدير قطاع غزة بملفاتها المختلفة، فيما طالبت حركة حماس بتشكيل حكومة تكنوقراط تأخذ على عاتقها إدارة ملف قطاع غزة.

وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك"، طالبت حركة حماس كذلك بتشكيل إطار سياسي لمنظمة التحرير الفلسطينية، وإطار مؤقت بناء على اتفاق القاهرة عام 2005، واتفاق بكين الأخير، تنضم لها حركتي حماس والجهاد الإسلامي تكون مسؤولة عن إدارة الملف السياسي بشكل عام.

وأكد أن حركتي فتح وحماس خلال مباحثات القاهرة التي انتهت أمس، لم يصلا لاتفاق، وبالتالي لم يصدر بيانا ختاميا من هذه الجلسات، مضيفًا: "حتى لو تم الاتفاق، إسرائيل ليست طرفا في هذا الاتفاق، وقد لا تسمح بتنفيذه".

وفيما يتعلق بإدارة القطاع في ظلت الخلافات بين حماس وفتح، قال: "في حال انسحاب إسرائيل من قطاع غزة، من حق الشعب الفلسطيني يختار من يمثله، بالتالي تكون هناك حكومة تكنوقراط أو وحدة وطنية مؤقتة تدير الملف بشكل عام ومن ضمنه ملف غزة، ثم تجري انتخابات لتحديد الشرعيات، إذا أراد الشعب يختار حماس أو فتح، أو جبهات أخرى يكون هذا خياره، وكذللك انتخاب رئيس جديد للسلطة خاصة أن آخر انتخابات أجرت عام 2005.

ويرى الرقب أن تجديد الشرعيات أصبح ضرور، وفيما يتعلق بمستقبل قطاع غزة نحتاج أولا إنهاء الاحتلال ووقف الحرب، وبعد ذلك كل الأمور قد تكون ممكنة.

مصير مجهول

في السياق، قال ثائر نوفل أبو عطيوي، المحلل السياسي الفلسطيني، إنه بعد مرور عام كامل على الحرب المستمرة والعدوان المتواصل على قطاع غزة لا يزال الانقسام السياسي الفلسطيني سيد الموقف بين طرفي الانقسام فتح وحماس، وكانت مصير المباحثات الأخيرة التي جاءت في العاصمة المصرية القاهرة بين فتح وحماس مثل جولات وصولات المصالحة التي استمرت سنوات عديدة وجاب قطار المصالحة معظم عواصم العالم، من أجل الوصول لمصالحة وإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية ولكن دون فائدة.

وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك"، ما زال الوضع القائم يراوح مكانه ضمن خلافات واختلافات، وكانت المباحاثات الأخيرة بالقاهرة لها النصيب من ذلك، ولم يفلح كلا طرفي الانقسام فتح وحماس في المباحثات من إيجاد صيغة توافقية وقاسم مشترك من أجل الاتفاق والوفاق على إدارة قطاع غزة في اليوم الثاني من إنتهاء الحرب.

وتابع: "كلا الطرفين له رؤيته وأهدافه، والتي لا تتعلق بالشأن الوطني العام، ولو كانت تتعلق به، لكان الطرفان قد تجاوزا كافة التفاصيل التي يكمن بها شيطان الخلاف والاختلاف، وتجاوزا معا كافة المصالح الحزبية والفئوية، والتطلع بعين الاعتبار والأهمية لتطلعات جموع النازحين والمشردين الذين وصل عددهم أكثر من مليون نازح لا مأوى لهم ونقص حاد في الغذاء والطعام والدواء.

ويرى أبو عطيوي أن مصير قطاع غزة بعد انتهاء الحرب مجهول وغير معلوم ، وهذا نظرا للاختلافات القائمة بين حركتي فتح وحماس، ولهذا يصعب معرفة واقع قطاع غزة بعد الحرب، ولكن بناءً على المعطيات الحالية للمشهد العام، فإن جموع النازحين والمشردين في قطاع غزة الذين لا مأوى لهم ولا مكان بسبب تدمير الاحتلال لمنازلهم ومساكنهم سيكون بالتأكيد لهم الكلمة والموقف في اليوم التالي من انتهاء الحرب ، حيث سيواجهون عمق النكبة والمأساة وسوف يطالبون من كافة الجهات المعنية وذات العلاقة بضرورة إعانتهم وإغاثتهم وإيجاد مأوى ومساكن مؤقتة لهم لحين الوصول لمشروع إعادة الإعمار من جديد في قطاع غزة.

وأوضح أن مصير قطاع غزة يقع على كاهل طرفي الانقسام فتح وحماس، فلهذا المطلوب حل كافة المشكلات العالقة بينهما والتطلع بعين واحدة موحدة للواقع الإنساني الذي يعيشه سكان قطاع غزة، والذين أصبحوا يعيشون في الخيام ومراكز الإيواء مشردين.

ومن أجل نجاح المشروع الوطني الفلسطيني الإنساني والسياسي معا، بحسب أبو عطيوي، يجب أن تكون هناك شراكة حقيقية لكافة الهيئات والفعاليات والشخصيات دون استثناء، وتعزيز كافة الطاقات الفلسطينية الفاعلة التي تستطع تقديم مد يد العون والمساعدة للمنكوبين، ضمن رؤية وطنية واحدة موحدة تقبل الجميع ضمن برنامج يقوم على الشراكة للجميع والالتزام من الجميع لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من أجل مستقبل وطن ومن أجل تعزيز الدعم العربي والعالمي في إطار وحدة الموقف الفلسطينى.

أسباب الفشل

وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، الدكتور أحمد مجدلاني، إن "الجلسات التي عُقدت برعاية القاهرة بين فتح وحماس كانت استكشافية، فيما يتعلق بإدارة الأراضي الفلسطينية كافة وليس قطاع غزة فقط، حيث بحثت الشأن الوطني العام، والقطاع بشكل خاص".

وأكد أن "اللقاء استطلع أهم القضايا الجوهرية التي يمكن التركيز عليها، للتوصل إلى مجموعة من التفاهمات التي قد تؤدي لاحقا إلى لقاء وطني فلسطيني عام، يجمع كل القوى السياسية من أجل التوافق على رؤية مستقبلية".

وأوضح مجدلاني أن "اللقاءات لم تتوصل إلى نتائج فعلية ملموسة، لكن من الممكن أن تشكل عملية تبادل الأفكار ووجهات النظر أساسا لحوارات لاحقة"، معتبرا أن "الشيء الأساسي والجوهري الآن بالنسبة للسلطة الفلسطينية، وقف الحرب على قطاع غزة، وفتح المعابر وإدخال المواد الإغاثية".

وفيما يتعلق بالصعوبات التي تواجه التوصل لمصالحة شاملة، قال إنه "من الصعب مع واقع الأمر، التوصل لصيغة شاملة لوحدة وطنية فلسطينية، خاصة وأن هناك برنامجين مختلفين على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي".

ويرى مجدلاني أن "مشروع حركة "حماس" ينطلق من كونها البديل للحركة الوطنية الفلسطينية، بالتالي من الصعب أين كون هناك شراكة في إطار البديل، ومع فصيل يرى في نفسه إطارا موازيا"، مؤكدا "ضرورة مراجعة "حماس" السياسية لبرنامجها، بحيث تكون الشراكة في إطار التقارب والاعتراف ببرنامج منظمة التحرير الوطنية الفلسطينية والتزاماتها القانونية والسياسية".

وتحدثت مصادر فلسطينية قبل عقد الاجتماعات، عن طرح تشكيل لجنة لإدارة قطاع غزة، تسمى لجنة الإسناد المجتمعي، والتي تتشكّل من 15 عضوا من غير المنتمين للفصائل، وسيناط بها إدارة المعابر وملفات الصحة والإغاثة والإيواء والتنمية الاجتماعية والتعليم، وسيكون تمويلها من ميزانية الحكومة الفلسطينية وجهات دولية.

 

المصدر: سبوتنيك