ماذا يحدث في مخيم الدهيشة ؟
ماذا يحدث في مخيم الدهيشة ؟
منذ السابع من تشرين الأول وقوات الاحتلال الاسرائيلي تقتحم يومياً مخيم الدهيشة في بيت لحم. استشهد حتى الآن اثنان من شباب المخيم كانا فقط يراقبان اقتحامات الجيش من سطح بيتيهما، جُرح العشرات، اعتقل أكثر من 100 شاب، تطلق قوات الاحتلال النيران بشكل عشوائي، يقتحمون البيوت ويعيثون بها فساداً، يضربون النساء، يختطفون الأهالي والأطفال في المعتقلات حتى يُسلم ذوو المطلوبين أنفسهم للشاباك الاسرائيلي. كل شئ في المخيم مُعطّل، ولا حديث سوى عن الجرحى والشهداء والمعتقلين. وفي النتيجة، هنالك إرهاب دولة مسلّط على المخيم في ظل تفاقم الفقر والخوف والبطالة.
هنالك عدة أسئلة تثور عند الحديث عن استهداف مخيم الدهيشة من قبل قوات الاحتلال منذ حرب غزة. ومن هذه الأسئلة، الأسباب التي تدفع قوات الاحتلال يومياً لاقتحام المخيم برغم قدرتها على تنفيذ إعتقالاتهم في يوم أو يومين؟ في الواقع، إن قوات الاحتلال تفعل ذلك يومياً حتى تُشعر سكان المخيم بالهيمنة والسيطرة وتثير القلق والرعب فيهم، وحتى تضمن هذه الهيمنة والسيطرة. إنهم يسعون من وراء إقتحاماتهم اليومية الى إرسال رسالة لجميع القاطنين في المخيم بأنهم قادرون في كل لحظة أن يصلوا اليهم، يطاردونهم، يراقبونهم باستمرار، وذلك كي يمنعونهم حتى من التفكير بالمقاومة أو المشاركة بأي عمل وطني. إنهم يدركون أن المخيم يمثل حالة نضالية متقدمة ولا يمكنهم ضبط الأمور دون الاقتحامات المتكررة الهمجية والاعتقالات واستهداف المدنيين العزل.
أما السؤال الثاني، فيبحث في الأسباب التي تدفع قوات الاحتلال الى الهمجية والعدوانية المبالغ فيها في التعامل مع المخيم؟. في الواقع هنالك عدة أسباب وراء ذلك، وأهمها ما يتعلق بالسؤال الأول وهو فرض الهيمنة والسيطرة عن طريق المبالغة في العدوان من أجل ردع أهالي المخيم وايصال رسالة لهم بأن التكاليف ستكون عالية جداً اذا ما قام شباب المخيم بأي عمل نضالي. أما السبب الثاني فهو يتعلق بطبيعة الاحتلال والعنصرية التي تتلذذ بالقتل ، وبرغم محاولة قادتهم المتكررة أن يظهروا بمظهر المتحضرين، الا أنهم في كل أزمة يعودون الى طبيعتهم الهمجية التي تحب القتل والتدمير،ولم يستطيعوا إخفاء طبيعتهم الدموية في دير ياسين وكفر قاسم وصبرا وشتيلا.
في النتيجة، هل يعتقد الصهاينة قادة الاحتلال أن همجيتهم وعدوانيتهم تستطيع ردع الشعب الفلسطيني وتصفيه قضيته. اذا كانوا يعتقدون ذلك فهو أغبياء حقاً، فلو كان الأمر كذلك لما خرج في جنازة الشهيدين في مخيم الدهيشة عشرات الالاف من المواطنين. ولما استمرت جنين ونابلس والخليل في مقاومتهم، ولما رفض النازحون من شمال غزة الى جنوبها اللجوء الى سيناء. وفي المحصلة، ربما يبثون في أنفسنا الخوف والرعب أحياناً، ولكنهم يزرعون فينا الثورة أكثر.
بقلم : د.رمزي عودة/ الأمين العام للحملة الأكاديمية الدولية لمناهضة الاحتلال والأبرتهايد الإسرائيلي.