يوم زار "الأدهم" قبر صاحبه

يوم زار "الأدهم" قبر صاحبه

نابلس- كان الشهيد عبد الرحمن صبح، يراهن في كل مرة يخرج فيها فوق صهوة حصانة "الأدهم"، بصحبة شقيقه سامر أو رفاقه على سرعته من بين الخيول، رغم قصر المدة الزمنية التي قضاها معه، إلا أن عشقه للخيول لازمه منذ الطفولة.

آخر لقاء بين الشهيد عبود وحصانه "الأدهم"، كان قبل استشهاده بيومين، عندما ذهب إليه لإطعامه عند الساعة الثانية والنصف من فجر الجمعة.

الشهيد عبود (29 عاما) كما يناديه أهل بيته وحارته، ركب آخر مرة حصانه أسود اللون، قبل استشهاده بأسبوع، كان يداعبه ويعدو به بطريقة غريبة وكأنها آخر مرة له، بحسب ما وصفه الأهالي لشـقيقه سامر صبح.

يوم الخميس الماضي اصطحب رفاق الشهيد الحصان "الأدهم" لروضة عبود الذي استشهد في حارة الياسمينة بالبلدة القديمة في نابلس، في الرابع والعشرين من الشهر الجاري، عقب أن حاصرت قوات إسرائيلية خاصة، أحد المنازل، وسط إطلاق كثيف للرصاص وقنابل "الانيرجا"، الأمر الذي أدى إلى اسشتهاده ورفقيه محمد عزيزي وإصابة 10 آخرين. 

يقول صبح في حديث لوكالة "وفا"، إن "الشهيد عبود يعشق منذ صغره الخيول والدراجات النارية، ويقضي غالبية وقته بعد انتهائه من العمل في الجبال يمتطي حصانه أو دراجته".

ويضيف "نحن ثلاثة اشقاء أنا وسائر وعبود، نعمل معا، واعتقلنا من قبل قوات الاحتلال لفترات متباعدة، وشاءت الأقدار أن نلتقي معا في ذات الغرفة بالسجن".

ويتابع صبح "عبود الشقيق الأصغر ولا يعرف الهدوء، يحب الأطفال، ويعشق شراء القبعات والساعات والأحذية، ولا يبخل بها إذا أعجب بها أحد من أقاربه، ويسعى لمساعدة الآخرين ولا يحب الظلم، تجده يهب لنصرة المظلومين حتى لو كان لا يعرفهم".

في الرابع عشر من حزيران الماضي نشر عبود على حسابه "فيسبوك"، يقول"علموا أولادكم أن النصر والتحرير لا يأتي إلا بالوحدة، علموهم أن القدس هي البوصلة الوحيدة والشرعية وأن أبواق الفتنة وأعوان الاحتلال لا يمثلون إلا أنفسهم وأن العنصرية لا تخدم إلا مخططات الاحتلال، وأن السكوت عن كلمة الحق عار، معا لوحدة وطنية واحدة". 

ويقول صبح "قبل استشهاد عبود بساعات التقيته واخذ يمازح صديقا لنا، قرابة الساعة 12:30 بعد منتصف الليل، ثم غادر، لم تمض ساعة حتى تلقيت اتصالا من شقيقي سائر بأن قوات الاحتلال اقتحمت "الياسمينة"، أحسست وقتها أن شيئا ما يحدث، وأردت الخروج للاطمئنان عليه، إلا أن الشهادة كانت له أقرب".

ويضيف "من شدة إطلاق الرصاص والقنابل وكثافة انتشار قوات الاحتلال، توقعت أن الحدث كبير والجريمة بشعة، ونحن لا نقول إلا الحمد لله على كل حال وربنا يعوضنا خير".

في مزرعة الشهيد عبود التي اعتاد على تربية الخيول فيها، يمكن مشاهدة آخر فنجان قهوة شربه بصحبة رفاقه، وما احتفظ به من طعام للدجاج الذي يربيه بين أشجار الزيتون والنخيل واللوزيات التي أحبها.

عن (وفا)