الحرب الأوكرانية واحتفال شركات صناعة الأسلحة والأمن الإسرائيلية !

الحرب الأوكرانية واحتفال شركات صناعة الأسلحة والأمن الإسرائيلية !

الحرب الأوكرانية واحتفال شركات صناعة الأسلحة والأمن الإسرائيلية !

 

بقلم: يورام غبيزون  

عندما تولى دونالد ترامب الرئاسة في الولايات المتحدة هاجم مرة تلو الأخرى دول "الناتو" بسبب الاستثمار المنخفض لها في ميزانيات الدفاع. وقال إن اوروبا تلقي العبء المالي لحمايتها على الولايات المتحدة. وطلب أن تزيد دول "الناتو" ميزانيات الدفاع 2 في المئة على الأقل من الناتج المحلي الاجمالي. استمعت الدول الاوروبية بأدب ولكنها انسحبت. ولكن ما لم ينجح ترامب في فعله نجح في فعله فلادمير بوتين، الشخص الذي اعتبره ترامب عبقرياً.

الحرب في اوكرانيا هي جرس انذار لدول اوروبا، والنتيجة كان يمكن رؤيتها على شاشات البورصة. شركات امنية اوروبية ارتفعت خلافاً لمنحى سوق رأس المال. ارتفع سهم "رين ميتال" الألمانية 30 في المئة، وارتفع سهم "ليوناردو" الايطالية 17 في المئة، و"تالس" الفرنسية، احدى الشركات الأمنية الرائدة في اوروبا، ارتفع سهمها 13 في المئة، وارتفع سهم "ساءب" السويدية 17 في المئة، وارتفع سهم "بي.إيه" البريطانية 14 في المئة، وارتفع سهم "البيت"، وهي الشركة العامة الوحيدة من بين الشركات الامنية الثلاث الكبرى في إسرائيل الى جانب الصناعات الجوية و"رفائيل"، 8.6 في المئة، وأكملت ارتفاع 18 في المئة في يومين.

قدم المستشار الالماني، أولف شولتس، الحافز الفوري للقفزة في أسهم الشركات الأمنية، من بينها "البيت". حيث أعلن شولتس بأن المانيا ستخصص مبلغاً لمرة واحدة هو 100 مليار يورو من ميزانية 2022 لزيادة قوة الجيش الالماني. وبهذا ضاعفت ميزانية الدفاع للعام 2022. وأعلن شولتس ايضا بأن ميزانية الدفاع الألمانية سترتفع بصورة ثابتة تصل الى 2 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي، واقترح تثبيت هذا الالتزام في الدستور الالماني.

إمكانية هستيرية

المانيا هي الدولة الصناعية الرائدة في اوروبا واحدى الدول المهمة في حلف "الناتو". ولكن ردها على الحرب الاولى على اراضي اوروبا منذ الحرب العالمية الثانية غير فريد. في الصناعات الامنية الإسرائيلية يصفون جنون الطلب في كل اوروبا، بالاساس في الدول المجاورة لروسيا أو التي توجد قرب ساحة الحرب (هنغاريا، بلغاريا، التشيك، رومانيا، سلوفاكيا والسويد)، وأنها معنية بالتزود الفوري بطائرات بدون طيار وانظمة حربية الكترونية وانظمة سيطرة ورقابة وانظمة اتصالات وتسليح.
لا تؤثر الحرب في اوكرانيا فقط على الدول المحاذية لروسيا أو توجد تحت تهديدها الفوري، بل تؤثر أيضا على دول قوية في غرب اوروبا، تقدر في أعقاب غزو روسيا بأن تهديدها لم يعد نظريا. اضافة الى ذلك هذه الدول معنية بمساعدة دول "الناتو" التي توجد في الضواحي ومهددة مباشرة.
"يدرك الأوروبيون أن خطر الإسناد قد تغير"، قال مصدر في الصناعات الامنية الإسرائيلية. "إذا كانوا قدروا في السابق أن التهديد الأمني هو الصين، ولم يحسبوا حساب روسيا، الآن يدركون أن التهديد هو صيني، روسي، وربما الاثنان معا. كل ما حدث في أوكرانيا بدأ بعد اللقاء بين بوتين والرئيس الصيني، شي جي بينغ، في الألعاب الاولمبية الشتوية في بكين، ومنذ ذلك الحين تجدد التوتر حول تهديد الصين لتايوان.

اوروبا، التي اعتقدت أن تهديد الصين هو مشكلة أميركية، استيقظت عندما اكتشفت أن هناك تهديدا بريا لدول اوروبية وأن هناك استعدادا لدى بوتين للاشارة الى استخدام السلاح النووي. توجد أمامنا فرص مثلما لم يكن امامنا في أي يوم. والامكانية الكامنة هستيرية".

في الصناعات الأمنية اشاروا ايضا الى أن الاوروبيين معنيون بشراء كمية كبيرة من منظومات اشتريت في السابق وتمت تجربتها بنجاح. "البيت" للأنظمة زودت في السنوات الاخيرة انظمة ليزر من نوع "ديركان" لحماية الطائرات ومنظومات قتال الكترونية لسلاح الجو الالماني، ومنظومات راديو واجهزة رؤية ليلية للجيش البري الالماني، ومنظومات اتصالات لسلاح البحرية الالماني. يتوقع أن يساعدها هذا الامر في أن تقضم شريحة من ميزانية الدفاع الضخمة التي خصصتها الحكومة الالمانية. وأن نصيبها من ميزانية الدفاع يتوقع أن يصل الى 19 في المئة في العام 2021.

عامل آخر يزيد الطلب في السوق الأمنية هو الموجة القومية المتطرفة التي ثارت في أعقاب ازمة "كورونا"، والظواهر التي جاءت في أعقابها مثل النقص في المعدات. مصادر في الصناعات الامنية الإسرائيلية تقدر بأنه على المدى المتوسط فان دولاً اوروبية تخلت عن الانتاج الامني المحلي ستطور من جديد الصناعة الأمنية المحلية.

تأثير عابر للقارات

تأثرت قارة اوروبا بشكل مباشر بالحرب في اوكرانيا. ولكن هذا التأثير يتم الشعور به ايضا في قارات اخرى. ففي استراليا وفي شرق آسيا وفي دول مثل اليابان وكوريا الجنوبية يتم الشعور بضغط الصين على تايوان. تفحص كندا طرقاً لمواجهة التهديد المحتمل من جانب روسيا وطلباتها الجغرافية في المحيط المتجمد. من المرجح أن الطلبات المتزايدة ستفيد جميع الشركات الإسرائيلية الكبرى الثلاث، وحتى شركات اصغر مثل "رادا" التي تطور منظومات رادار لتشخيص وتحييد تهديدات مثل طائرات مروحية وصواريخ ضد الدبابات وسيارات مدرعة اخرى وصواريخ ارض – جو وقذائف هاون. توفر الشركة، ضمن امور اخرى، اجهزة رادار لمنظومة الدفاع الفعالة لسيارات مصفحة باسم "حيتس دوربن"، التي تم تطويرها من قبل "البيت".

مع ذلك، ستكون "البيت" هي الرابح الاكبر من التغيير الدراماتيكي في ميزانيات الدفاع في اوروبا، وليس فقط فيها. خلافاً للصناعات الجوية ور"فائيل"، التي تقريبا لم تنشئ فروعاً لها في الخارج وقللت من المشتريات، بالاساس بسبب القيود المفروضة عليها كشركات حكومية، فان "البيت" تطبق استراتيجية تجارية تقوم على تطوير سلة منتجات كبيرة بقدر الامكان وعلى اقامة فروع لها في الاسواق المستهدفة، لادراكها بأن الدول تفضل تخصيص ميزانيات دفاعها لشركات محلية.

"البيت" التي يسيطر عليها ميكي فيدرمان، اشترت في السنوات العشرين الأخيرة شركات تتعامل مع منظومات في مجال "الكترواوبتيكا" والسايبر والصواريخ الدقيقة والتسليح وقذائف مدفعية واجهزة رؤية ليلية وكشف غواصات وحرب الكترونية. هذه الاستراتيجية، التي قادها مدير عام "البيت"، بوتسي مخلص، وسلفه في هذا المنصب، يوسي اكرمان، حولت "البيت" الى شركة أمنية دولية، تعتبر وزارة الدفاع الإسرائيلية والجيش الإسرائيلي بدرجة معينة حقل تجارب لها.

"البيت" لديها فروع في دول كثيرة، فرع في أميركا يقوم بتشغيل 3 آلاف عامل؛ وفرع في بريطانيا يشغل 400 موظف؛ وفرع في المانيا يشغل 300 موظف؛ وفروع اخرى في النمسا ورومانيا وهنغاريا والسويد. فقط 21 في المئة من مداخيلها مصدره من وزارة الدفاع الإسرائيلية. وهي نسبة اقل بقليل من الصناعات الجوية التي 24 في المئة من مداخيلها مصدره السوق الإسرائيلية. ولكن سلة منتوجاتها اضيق، وتميل الى منظومات الصواريخ، مثل صواريخ هجوم بحرية وصواريخ ضد الصواريخ البحرية، وصواريخ ارض، وطائرات بدون طيار، ورادارات ومنظومات قتالية الكترونية. "رفائيل" توجد بعيدا وراءهما من هذه الناحية. فتصديرها هو 49 في المئة فقط من مداخيلها، وهي لا تزال مرتبطة جوهريا بوزارة الدفاع

عن "هآرتس"