الفلسطينيون وواقعهم في السويد على مدى سنوات بقلم سرين أيمن تميم
الفلسطينيون وواقعهم في السويد على مدى سنوات بقلم سرين أيمن تميم
لعل أول فلسطيني قدم إلى السويد كان طبيباً وكان ذلك في العام 1941 , وبعد ذلك وفي منتصف ستينيات القرن الماضي , قدم إلى السويد عدد من الطلبة المتفوقين في المعاهد الصناعية في الضفة الغربية وقطاع غزة والأردن وسوريا , وذلك بموجب المنح الدراسية التي حصلوا عليها من كالة الغوث التابعة للأمم المتحدة
واستقر معظم هؤلاء الطلبة في السويد في أعقاب حرب 1967 م , حيث التحقت عائلات بعضهم بهم , في حين فضل البعض الآخر الزواج من سويديات , وحتى ذلك الوقت كانت أعداد الفلسطينيين في السويد ما تزال قليلة
وفي نهاية السبعينيات شهدت السويد موجة لجوء فلسطينية جديدة , وذلك على خلفية الصراعات التي شهدتها المنطقة , سواء مع إسرائيل أو نتيجة الخلافات الفلسطينية مع بعض الأنظمة العربية , ولعل أوسع موجة لجوء حصلت إبان الحرب الإسرائيلية على لبنان عام 1982 م وأيضاُ حرب الخليج الثانية عام 1990 م , وبدرجة أقل الفترة التي تلت الحرب على العراق عام 2003 م .
ومع اندلاع الحرب في سوريا , هاجر العديد من فلسطيني سوريا إلى أوربا عموما , وكان للسويد نصيباً من اللاجئين الجدد .
أما إذا أردنا الحديث عن أعداد الجالية الفلسطينية في السويد , فإننا نفتقر لوجود إحصائيات دقيقة , وذلك بسبب تعدد الوثائق التي يحملها الفلسطينيون , إذ أن مركز الإحصاء السويدي , ينظر إلى الفلسطينيين القادمين من الأردن باعتبارهم أردنيون , في حين يعتبر الفلسطينيين من حملة الوثائق السورية أو اللبنانية أو المصرية أو العراقية , أشخاصاٌ ( بلا وطن ) , ولكن التقديرات تشير إلى وجود أكثر من 150 ألف فلسطيني في السويد , منهم 120 ألف حاصلين على الجنسية السويدية , و30 ألف من غير الحاصلين على الجنسية , من ضمنهم 2500 شخص لم يحصلوا حتى على الإقامة , معظمهم من الفلسطينيين القادمين من قطاع غزة .
الشعب السويدي تاريخياً من الشعوب المتضامنة مع القضية الفلسطينية , وقد برزت العديد من الشخصيات السويدية التي حملت موقفاً مؤيداً للحق الفلسطيني , ومنهم من دفع حياته ثمناً لهذا الموقف , لعل أبرزهم رئيس الوزراء الأسبق أولوف بالمه الذي اشتهر دولياً بمواقفه الجرئية وصراحته الشديدة في ما يخص الكثير من القضايا الدولية مثل قضايا السلام والديموقراطية والتفاهم الدولي والأمن المشترك , إلى أن تم اغتياله أثناء خروجه مع زوجته من أحد دور السينما في العاصمة السويدية استكهولم بتاريخ 28 فبراير -شباط عام 1986 م
إضافة إلى رئيس الوزراء الأسبق أولوف بالمه , برزت السيدة آنا ليند والتي شغلت منصب وزيرة البيئة بين العامين 1994 و1998 ومنصب وزيرة الخارجية منذ العام 1998 وحتى لحظة اغتيالها في 11 سبتمبر- أيلول عام 2003 م, حيث كانت من أشد المنتقدين للعلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل , وأعلنت أنها ستباشر بشكل شخصي مقاطعة المنتجات الاسرائيلة في السويد , قبل ان تتعرض للاغتيال على يد الشاب ميخائيل ميجائيلوفيتش (٣٢ سنة) وهو سويدى من أصل صربىّ قام بطعنها فى الذراع والبطن والصدر طعنات نافذة فى الكبد والمعدة وذلك اثناء قيامها بالتسوق فى متجر «نورديسكا كومبانيات» فى وسط استوكهولم حيث توفيت بعد يوم متأثرة بجراحها .
واقع المجتمع المدني ونوعية المؤسسات : ينشط في السويد العديد من الجاليات الفلسطينة , إلا أن الانقسام الفلسطيني ترك أثره على واقع عمل الجاليات الفلسطينية , فكان الانقسام بين هذه الجاليات انعكاساً طبيعياً للانقسام الحاصل في الوسط الفلسطيني عموماً , الأمر الذي أدى إلى خلق فجوة بين هذه الجاليات حال دون تنسيق عملها ونشاطها وبعثرة جهودها وافتقاد الصوت والموقف الواحد الموحد , ما أدى بدوره إلى انعدام القدرة على إحداث ضغط وتأثير حقيقي في الوسط السويدي .
وبالرغم من هذا الواقع فإن العديد من الجمعيات والاتحادات التي نشطت وعملت من أجل تحشيد الرأي العام على الساحة السويدية وعلى مدى سنوات , استطاعت تحصيل الاعتراف بدولة فلسطين وفتح سفارة دولة فلسطين في العام 2014 , الامر الذي شكل منعطفاً إيجابياً تمثل بتواجد وحضور رسمي للقضية وذلك بغض النظر عن التوجهات السياسية , هذا الحضور الذي عمل على تعريف الأحزاب والنواب السويديين بالقضية الفلسطينية , وحشد الدعم والتأييد لها , وخلق حالة من التضامن والتعاطف مع الشعب الفلسطيني , ومن أهم هذه الأحزاب الأحزاب اليسارية وحزب البيئة , إضافة إلى العديد من الجمعيات الاهلية السويدية والناشطين السويديين الذين يعملون بالتعاون مع جمعيات أهلية فلسطينية من أهمها Palestinska Samordningsgruppen مجموعة التنسيق الفلسطينية وهي جمعية مكونة من العديد من المتضاميين السويدين الداعمين للقضية الفلسطينية وتتعاون مع جميع الجمعيات والمؤسسات والاتحادات الفلسطينية على الساحة السويدية وتقوم بإرسال العديد من الشخصيات السويدية للداخل الفلسطيني لتوثيق الانتهاكات التي تحصل بحق الشعب الفلسطيني وبحق الاسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، اضافة الى توثيق الحالة الانسانية والسياسية والاجتماعية التي يعيشها الشعب الفلسطيني تحت ظل الاحتلال.
واما اليوم ومع وصول اليمين المتشدد والمعادي للاجئين إلى الحكومة , ظهرت حكومة متطرفة في دعمها لإسرائيل الأمر الذي أدى إلى تراجع التعاطف مع القضية الفلسطينية , ومما لا شك فيه ان وصول الحكومة اليمينية المتشددة للحكم في السويد ترك أثره السلبي على دعم القضية حيث انخفض الدعم المالي لفلسطين الى ٤٢% مما زاد من معاناه الشعب الفلسطيني الذي يرزح تحت الاحتلال وفي ظل ظروف حياة صعبة.، خاصة مع وقف الاتحاد الأوروبي منذ عام 2021، المساعدات المالية التي كان يقدمها للخزينة الفلسطينية والمقدرة بنحو 300 مليون دولار سنويا، علاوة على ذلك وقف التمويل الذي كانت تحصل عليه السلطة من الدول العربية
كل ذلك أدى إلى عدم قدرة السلطة على دفع رواتب موظفيها كاملة، فهي ومنذ حوالي السنتين تدفع ما قيمته 80 % إلى 90% من قيمة تلك الرواتب، ما خلق أزمة اقتصادية خانقة لأبناء الشعب الفلسطيني.