الجهود الشعبية الرقمية قوة محطمة للسردية الإسرائيلية بقلم: ذكرى ثبته

الجهود الشعبية الرقمية قوة محطمة للسردية الإسرائيلية بقلم: ذكرى ثبته

الجهود الشعبية الرقمية قوة محطمة للسردية الإسرائيلية

بقلم: ذكرى ثبته

ظهرت قوة الدبلوماسية الشعبية الرقمية في معركة طوفان الأقصى بوضوح، حيث تجلت حقيقة أن الصوت الفلسطيني لا يمكن أن يكون مكتومًا أو متجاهَلاً، وانبعث خلال المعركة قوة الإرادة الشعبية الفلسطينية، وتفوقت بشكل استثنائي في تحديد مسار الرواية الإعلامية الحقيقية في ظل تهاوي السردية الإسرائيلية التي لطالما اعتادت على السيطرة على المشهد الإعلامي، وبالرغم من سعي الإعلام الغربي الحثيث لدعم "بروباغاندا" الاحتلال الإسرائيلية وترويجها، إلا أنها استطاعت إسقاط مصداقيتها في الأسبوع الثاني لبداية العدوان على قطاع غزة.

إن تصدي الشباب الفلسطيني منذ بداية أحداث السابع من أكتوبر، لجبروت الاحتلال الإسرائيلي لم يكن مجرد تحدٍ للظلم، بل كانت رسالة حية من شعوب الأرض تستنكر القهر وتطالب بالحرية والعدالة، وقد برز أثر قوي للدبلوماسية الشعبية في تصوير القضية الفلسطينية بأقوى صورة، حيث أسقطت مطامع السردية الإسرائيلية ببراعة، وكشفت حقيقة معاناة الشعب الفلسطيني بعيون العالم، متحدثة بصوت الأماني والحلم والواقع الفلسطيني الذي لا يمكن أن يختنق أو ينكسر، وتحويل البوصلة العالمية تجاه معاناة الشعب الفلسطيني.

لا شك أن هذه المعركة ليست مجرد صراع في الميدان القتالي، بل تحولت إلى حرب إعلامية ملحمية، حيث يتصارع نسيج السرد بين القوة الإعلامية الإسرائيلية وبين الإعلام الفلسطيني ومعه أنصار الحق والإنسانية. فهذه الحرب لا تقتصر على الصواريخ والقتال الميداني، بل أصبحت معركة كلمات وصور، حيث النزاع في السرد الإعلامي في محاولة لكسب الرأي العام الدولي، وهنا برزت الجيوش الشعبية الرقمية على منصات الإعلام الرقمي، والتي ساهمت بدعم الرواية الرقمية الفلسطينية بالصدق والشفافية، وذلك بنقل الشهادات الحية والحقائق الواقعية، التي تسللت إلى قلوب المتلقين واخترقت الوعي العام العالمي.

وبالتزامن مع ما يحصل في ظل الواقع الفلسطيني المعقد، أصبحت الدبلوماسية الشعبية الرقمية أداة ضرورية لا غنى عنها في تعزيز الرواية الإعلامية الفلسطينية ونشر حقيقة النزاع الفلسطيني- الاسرائيلي بشكل شامل وشفاف. وبالقدرة على الوصول إلى جمهور عالمي وإلقاء الضوء على الحقائق الملموسة جزءًا أساسيًا من النضال الفلسطيني.

لطالما سعت إسرائيل للسيطرة على السردية الإعلامية، وبذلك نستذكر رأي المفكر الفلسطيني ادوارد سعيد حول الهيمنة والاستيلاء، فقال: "الاستيلاء على الأرض لا يصبح ممكنا بدون الاستيلاء على السرد"، فمن خلال محاولة توجيه الأحداث واختيار اللغة والصور بعناية، للتأثير على التصوير الإعلامي والسيطرة على السردية العامة، سعت إسرائيل دائما إلى توجيه الرأي العام الدولي بمفهومها الخاص، وتصويرها للأحداث في المنطقة في محاولة للسيطرة على الأراضي الفلسطينية والمشهد الإعلامي، من خلال ما يشبه استخدام "الإعلام الناعم"، ولكن نجحت الدبلوماسية الشعبية بالتعاون مع الجهود الشعبية المكونة من المدونين والمؤثرين الرقميين، والمثقفين وصناع المحتوى في كسر قيود السردية الإسرائيلية، وإيصال مشاهد الإبادة الجماعية والدمار الفادح الموجود في غزة، رغم سياسة تقييد المحتوى الفلسطيني، لتُسجل أهم الانتصارات في ساحة الرواية الإعلامية. وتمكنت من إثبات أن صوت الفلسطينيين أقوى وأوضح من عهده السابق، محققًا تواصلاً حقيقيًا مع العالم، وكاشفًا للحقائق التي طالما حاولت "إسرائيل" إخفاءها، بالعزم والإصرار استطاعت الدبلوماسية الشعبية أن تكتب قصة الحقيقة بأحرف من نور، تتحدى الظلام الذي حاولوا إلقاءه على الواقع المعاش في فلسطين.

إن السردية الإعلامية الإسرائيلية وهي تنهار اليوم، فإن المؤشرات الحالية توضح أنها لن تستطيع احتلال الأرض طويلا، لأن الأساس الذي بُني عليه الاحتلال ينهار، وبذلك يجب الإشادة بالجهود الشعبية في هذه المعركة الرقمية، حيث أبدع المؤثرون في تحويل القضية الفلسطينية من مجرد خبر إلى حكاية إنسانية تتحدى الحدود الزمنية والجغرافية. بمواقفهم وتفاعلهم مع الأحداث، استحقوا لقب "رواة الحقيقة"، حيث أسهموا في كسر الملل الإعلامي وتحويل النقاش الدولي نحو حقيقة الوضع في فلسطين، إنهم لم يقدموا مجرد تقارير إخبارية، بل بنوا جسورًا إنسانية تربط العالم بألم الفلسطينيين وتعزيز التضامن مع قضيتهم العادلة.

في الختام، لا بد من التأكيد على أن عدوان الاحتلال بعد السابع من أكتوبر، رسم ملامح جديدة للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، وذلك بفضل الدبلوماسية الرقمية الشعبية الذي جعلت الصراع يتردد صداه على المستوى المحلي العربي والعالمي، وأعاد القضية الفلسطينية وبخاصة في قطاع غزة إلى الواجهة العالمية بالرغم من سياسات التقييد الرقمي القائمة على منصات التواصل الاجتماعي ضد المحتوى الفلسطيني.